ترويض أنثى
بقلم: مروة سعيد علي حسن سليمان (مصر)
كانت
تشعر بالسعادة و هي ترى نظرات الرجال إليها، لا تعشق واحدًا منهم قدر عشقها
لأنوثتها، و تفرح كل الفرح عندما تراهم يتساقطون تحت قدميها، تتمتع بالصدق إن وصفت
سرورها و هي إلى جوار رجل يملك المال و القوة، و تزداد سعادتها إن تمكنت من خداعه
بما لديها من مكر و دهاء و كأنها أحرزت هدفًا، و هكذا مرت بها الحياة و هي تردد
كلما نالت من رجل:
-
قف في الصف... فرجال الأرض كلهم يطلبون مني
ودًا.
رأته لأول وهلة شعرت بغطرسة منه و هو يتعامل
معها، استفزت كل ما لديها من كبرياء و إحساس بالعزة، فقررت أن تلقنه درسًا، بدأت
بحوار دافئ و كلمات تخرج من بين شفتيها بدلال يدنو منه رويدًا رويدا، عسى رجولته
أن تتقهقر و ينهار أمام عذوبتها، فإذا به يميل قليلًا ثم يعاوده الصمود و ثبات
الأمر شيئًا فشيئا، زادت من دلالها و استباحت معه دموعًا ما ذرفتها إلا لتزلزل
وجدانه و تهزه هزًا، فرحل و العجب ينال منها:
-
ألم تمكنني منك دموعي... أم فررت مني خوفًا؟!
ما كنت لأتركك حتى تنهار أمامي و تخر قواك خرًا.
فعادت و طلبت منه العون، فهي كما ادعت بحاجة
إليه ليخرجها من ظلمات مجونها و تغتسل معه من أدرانها، وعدته بتحمل قسوته فقد يكون
فيها عدلًا، وافق بعد عناء منها و دخلت في عصمته زوجة، لا يظهر لها أي شغف بها و لا
لهفة، فزادت منه قربًا، و أدركت لأول مرة أنها سعت للنيل منه فإذا بصموده يمزق حجب
قلبها واحدة تلو الأخرى، و ذاقت و هي في عصمته حلاوة أن تكون لرجل يغار عليها و لا
يقبل أن يشاركه فيها أحدًا، و شعرت بدبيب في قلبها لا يريد منه إلا أن يرضى عنها و
يبقيها معه أمدًا، و تمكن من أن يُبعد عنها شيطانها الذي يتملكها فجأة، ويُرغبها
في هذا وذاك، ويُزين لها العبث و اللهوِ، لم تعد تريد رجالًا يكفيها هذا الذي
عليها يأبى، وما عادت ترجو منه خشوعًا و لا ذلًا .... بل أصبح كل منيتها أن تطيل
إليه النظر ثم تقبل يده و لا ترى في ذلك عيبًا، فملوك الأرض تُقبل أيديهم خوفًا و طمعًا،
و هو ملك متوج لا يزاحمه في قلبها أحدًا، أين هي الآن من لحظات كانت تنهال على
يديها شفاه رجال مكتظة خزائنهم ذهبًا، ها هي لا ترجو من الدنيا رجاءً غير أن تُخرج
من بين أضلعها روحًا تشتاق لأن تسكن بين ضلوعه هو إلى الأبد.