مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

المركز السادس: زهرة صفراء بقلم/ شربل طربيه (لبنان)

المركز السادس:
زهرة صفراء
بقلم/ شربل طربيه (لبنان)
استفقت من سبات عميق على صوت دوي انفجار كبير بالقرب من منزلنا في وسط الحارة حيث تدور الحرب منذ أكثر من ثلاث سنوات.
في كل مرة كنت أسأل والدي 'متى ستنتهي الحرب؟' وفي كل مرة كان رده "عندما تنبت الزهور الصفراء قبل انتهاء فصل الشتاء."
مرت السنون ورأيت الزهور الصفراء تنبت قبل انتهاء فصل الشتاء ولكن لم تنته الحرب بعد وككل طفل لجوج أعود وأطرح السؤال نفسه على والدي لكنه يكتفي بالابتسام ويطلب مني انتظار الزهور الصفراء.
سمعت صراخ والدتي وأختي الصغيرة وكانتا في غرفتي تلطمان على وجههما، لا أدري لِمَ جعلني منظرهما أضحك من كل قلبي لكن داخل قلبي مرارة كبيرة.
أقترب من والدتي وأحاول أن أعرف سبب دموعها لكن لا تعيرني اهتمام وتنصرف عني وترتمي بأحضان الجارة التي تنادي على أولادها السبعة الذي نادوا على أصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم حتى باتت غرفتي تعج بالجموع وكأن صوت الانفجار والضجة التي أحدثها لم يكفيا بل زاد صوتهم الطين بلة ولم أعد أسمع حتى صوتي المبحوح...
خفت كثيراً وتمنيت البكاء لكن دموعي جفت فجأة عندما دخل والدي الى غرفتي ومعه زهرة صفراء واقترب من سريري ودموعه الغزيرة تبلل وجهي وجسدي الممدد على سريري اليومي في غرفتي الخاصة وهو يتمتم "لقد انتهت الحرب"
ندهت لوالدي لكنه انضم لوالدتي وشقيقتي وجارتنا وأولادها السبعة وأصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم ولم يسمعوا صوتي المبحوح أنادي عليهم كي يلتفتوا إليَّ وأنا أقف في زاوية الغرفة أرتجف من الخوف.
فجأةً، لم أعد أسمع شيئاً وبت أرى بوضوح المشهد المرعب: والدي يحمل جسدي بكفن أبيض وخلفه المجموعة بينما بقيت وحدي مسجوناً بجسدي الطفولي للأبد ومعي زهرة صفراء قطفها لي والدي.
في اللحظة الأخيرة سمعت ضحكات أطفال ووجوه جميلة تدعوني للانضمام إليها في عالم بعيداً عن الحروب وحيث الزهور الصفراء تنبت على مدار الفصول.