رسمتي الأولى
والأخيرة
بقلم: حسين جمعه (العراق)
بعد أن أردت
تجريب موهبتي في الرسم، قررت العزم في مشروعي الجديد، بدأت بتنفيذ أولى
الخطوات؛ فدخلت إلى محل القرطاسية لأشتري أدوات الرسم؛ وقعت عيني على ثلاثة
ألوان أساسية (الأحمر، الأسود، الأخضر) و قلم ذو لون أسود…
بدأت الرسم على
ورقٍ أبيض مقوى، كانت البداية أن قمت بتخطيطها، مُعطياً لخيالي الحرية في
الاختيار، بعد أن قُمت بقراءة الألوان و دلالاتها المجتمعية حسب فهمي، فتبين لي أن
الورقة (مسودة الرسم) بيضاء دلالة على السلام، و اللون الأحمر يشير إلى الحب و
الغرام، و اللون الأسود اخترتهُ كلون ثانوي لشدة كرهي له، أما الأخضر فهو للدلاله
على الحرية و السماح بالتعبير و الابتعاد عن المحرمات المجتمعية.
بدأت باللون
الأسود كي أتخلص منه مبكراً، و أنشغل بجمال الألوان الباقيه...
رسمت الجانب
السفلي من اللوحة باللون الأسود، ثم بدا لي أن أرسم النجوم كوني أردت أن أجعل
من الأرض لوناً أسود، و أجعل من السماء لوناً أبيض، لذا شرعت بترك المجال ما فوق
اللون الأسود فارغاً بنفس لون الورقة البيضاء، بعدها بدأت باستخدام اللون الأحمر و
جعلته في أعلى اللوحة مشيراً إلى ذوق المتلقي بأنني جاعل للحب و الغرام المرتبة
العليا في رسمتي...
بعد أن انتهيت
من اللون الأحمر و الأسود تذكرت أني جعلت من اللون الأسود معنى مادي (الأرض)؛
فارتأيت أن أرسم السماء بلون غير لونها و أجعلها كما أحب، فلا أعشق اللون الازرق و
لا فروعه؛ فأخذت اللون الأخضر (الحرية)، بدأت برسم اللون الأخضر فوق الأسود، تمعنت
جيداً في مخيلتي عن محتويات السماء، و شرعت في رسم النجوم أولاً، و تركت الفضاء
فارغاً تاركاً اللون الأبيض (لون قماش اللوحة) يحل مكان ما بين النجمات، بعدها
تركت الرسم لوقت قصير لأمر طارئ...
رجعت مسرعاً
لاستكمال الرسمة، و في هذه الأثناء كان أخي قريب مني و فجأة بادرني بسؤال:
"مادامت هذه رسمتك الأولى؛ لماذا لا تكتب اسم الخالق فيها؟"؛ لم أتردد
في الأخذ بنصيحة أخي أبداً فوضعت عبارة (الله اكبر) مابين النجمات… ثم أخذت
ما قاله أخي على محمل الجد و لكي أقول له أنني أحبه و أعتز بما يقول؛ فعمدت إلى
إزالة النجمات الخضر و الإبقاء على عبارة (الله اكبر) باللون الأخضر…
بعد ان أوشكت
اللوحة على النهايه، تمعنت جيداً فيها؛ فوجدت يدي قد رسمت (علم العراق
الجديد)، و رجعت إلى ما قبل التعديل فوجدت (علم العراق القديم) ما قبل 2003، تركت
عاطفتي قليلاً في تحليلي و قراءتي للألوان؛ فوجدت أن اللون الأسود من العلم يشير
إلى (الحزن)، و وجدت اللون الأحمر لا يشير إلى الحب و الغرام بقدر ما يشير إلى
(الدم). إلا اللون الأخضر فهو نفسه بعاطفتي أو بدونها يرمز (للحرية) لأنه اللون
المحبب للجميع، فاللون الأخضر المتمثل في عبارة (الله أكبر) أو في النجمات الثلاث)
مُقيد بلون الحزن (الأسود) من الأعلى، و مُقيد بلون الدم (الاحمر) من الأسفل، و بين
الحزن و الدم ضاع أمل الحرية في العيش الكريم، تاركاً الرسم نهائياً، عسى أن أجد
رساماً لا يجيد الرسم إلا باللون الأخضر.