مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

لَيْلَة الزِفاف بقلم: أيمن عبد السميع حسن حسين (مصر)

لَيْلَة الزِفاف
بقلم: أيمن عبد السميع حسن حسين (مصر)
وقف الأب ( الستيني ) في حفل زفاف ابنته الوحيدة،  صلعته أكلت معظم الرأس، تحسس فوديه اللذان اشتعلا شيباً، وجهه أصفر نحيل، يبدو أنه تحامل علي نفسه عندما لاح له النور المُبهج  الصادر من قاعة الأفراح، مشاعره تختلط بين الفرح و الحزن، فقد كان لها الأب و الأم و الصديق، بعد رحيل والدتها و هي رضيعة، و وسط زحمة المدعوين، و بين الأصوات المختلطة، المبتهجة، اقترب الأب من ابنته ( عروس الليلة )؛ فتصادمت عيناها مع عينيه، و كأنها المرة الأولي للقاء، فابتسم  في وجهها بحنو، و مسح بيديه المرتعشتين علي شعرها الكستنائي، و تحسس بريق فستان زفافها الدانتيلا؛ فتحلَّب ريقه بالغصة و المرارة، و غالب مشاعره؛ الاّن أحس بحقيقة اتحاد روحيهما؛ فأخرج من جيبه علبة قطيفة جميلة، حاول التقدم؛ تعثر، سقطت منه؛ رأته و هو ينحني بثقل سنوات الشيخوخة ليلتقطها؛ أشفقت عليه، أمسكت بذراعه الأيمن، كان يعتدل مُجهَداً، فتح العلبة ببطء، و بأنامل  مهتزة، أخرج منها خاتماً ثميناً، لكنه لا يحمل فصاً، إنما  يحمل قطعة مستطيلة من المعدن، تحل محل ( فص )، الخاتم عليه بعض الكلمات، كُتبت بوضوح، فجرت عيون الابنة علي تلك الكلمات؛ ابتسمت، اتسعت أساريرها، و برقت الدموع تهتز في عينيها، و قف الأب يهز رأسه؛ يؤمِّن علي مشاعرها، ابتسم؛ فابتسمت له، كان الهواء يرسل نسيمه الرطب، فيحرك فستان الزفاف يمنة و يسرة، يتراقص، أحست الابنة بوخز الإبر في جسمها، عادت مرة أخري؛ لتحضن والدها العجوز، الذي يهتز مع حضنها الدافئ، لحظتها، كان بريق ضوء (الليزر) الشفيف يشع علي سطح الخاتم  و ينعكس وميضه علي سقف القاعة ( الألوميتال )، فظهر  طي الكلمات للجميع، تعلن عن نفسها: "أنا والدها، أنا أحببتها أولاً...!"...
رقص الأب معها قليلاً – بعد إلحاح من الأقارب الجالسين - ثم صفق المدعوون كثيراً، و انتهت اللحظات الفارقة، ثم وقف الأب  وحيداً و هو ينضح عرقاً، يلوّح بيده ببطء، كان يحاول أن يفرغ رأسه من كل حكايات العالم، إلا حكايتها معه، تذكر شريطاً من الذكريات الجميلة معها، فتمتم بكلمات لم يسمعها غيره: "بُنيتي: حلمت أن نظل  طويلاً معاً، لكنني شعرت أن قمة الأنانية، أن أفرح وحدي بصحبتك، و أنا أعلم  يا قرة عيني و وحيدتي  و سندي في هذه الدنيا، أن فرحك بحياتك الجديدة أكبر من لحظاتي الجميلة، المسروقة معك، و التي ما زلت أتمسك بها..."... (مقاطعة صوتية من المدعويين و بوق السيارات)، و فجأة، تصاعد الغبار الشديد الصادر عن موكب العروس المغادر، محجبا الرؤية.