نزوح
بقلم: احمد
ثامر محمد الصحن (العراق)
فرش و أغطية
بسيطه، قطع قليلة من أواني الطبخ، و مبلغ بسيط من المال؛ هذا كل شيء تستطيع أن
تحمله معها تلك الأم الأرملة الأربعينية، لأنها ادخرت الأماكن في السياره لأكبر
عدد من الأنفس من عائلتها ((لماذا يجب علينا الرحيل؟ نحن لسنا مطلوبين لهم)) يقول
الابن الأوسط؛ ((كيف؟ ألا تتذكر كيف قتلوا أباك؟ اركب اركب! إن الوقت ينفد)) ترد
الأم، و هي تتفقدهم في داخل السيارة: ((عماد! هل كرسيك المتحرك مع الأغراض؟...كيف
ستتحرك بدونه هناك... و أنت يا سامي هل تعلم أمك أنك ذاهب معنا؛ أخاف أن يغضب أعمامك
إذا علموا بذهابك معنا؛ فالوضع الجديد هو معهم، أنا متاكدة أنهم سيطلبون منك
العوده حتى لو وصلت معنا (أربيل)...))
((هل يذهب معنا عبدالله؟... أبوه في السجن، و لا
يعلم)) يقول (سعد) الولد البكر حينما يساعد زوجته التي لم يتبق لها الكثير على
الولادة..
ما أن
سارت بهم السيارة المسرعة في الشارع المؤدي إلى (المدينة الآمنة) وسط عشرات
السيارات المغادرة في شارع (سايد واحد) حتى بدأوا يغنون و يصفقون، و لا يعرفون
ماذا ينتظرهم من أيام طويلة...
((البيت صغير لا يكفي لعائلتنا)) يقول هادي
الصغير المدلل؛ ((ربما ليس هناك غرفة لي و لك يا أمي مثل بيتنا هناك))، ((ناولني
ذلك الفراش... هادي)) ترد الام...
ما أن
جلست العائلة بعد عناء السفر، إذا بسعد يصيح: ((ساعدوني، ساعدوني؛ ليلى تلد))؛ ((ربما
حركة السيارة ساعدتها على الولادة المبكرة)) تقول الأم بعد أن غسلت يديها من معمعة
الولادة...
((إنها بنت جميلة جدا؛ ماذا سنسميها)) يقول عماد
الجالس على كرسيه المتحرك بعد أن ناولها له أبوها (سعد) ((ساختار لها اسما جميلا (نازحة)...
اسم جميل)) يضيف (عماد) و قد تعود أن يحلي (التعليلة) بنكاته في جلوسه الطويل... ((على
فكرة... ماذا سنختار لها من اسم)) يرد أبوها ((جالا... شيرين...)) أسماء تناسب أسماء
المدينة... )) يقول ابن خالتهم المرافق لهم، عند ذلك تفض الأم النزاع و هي ترتب أغراض
البيت ((على العموم أي اسم هو ليس رسميا؛ فنحن ليس لدينا الآن دائرة للجنسية، الجماعة
اخذوا كل مدينتنا))...
((الموضوع
سهل؛ سنسجلها هنا؛ فنحن مستقرون)) يقول عماد مداعبا الأم... ((سنصبح أقارب و نسايب
مع المنطقة الطيبة هذه)) ((نسايب! كيف؟)) ترد الأرملة ضاحكة...
فيرد
عماد: ((سازوجك لأحد الكاكات و نسيطر على أمورنا))؛ فيتغير وجه الأم و يكسوه الغضب
و الفزع و البكاء و الدموع؛ فتاتي مسرعة ثم تضرب بيديها ساخطة على عماد و على
كرسيه...
أحس
الولد أنه مس أمه على جرح (والده)؛ فانكب معتذرا لأمه حتى سقط من الكرسي.