مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

المشاركة رقم 18 (مارس2016): قارورة

المشاركة رقم 18
قارورة
بقلم/ محمد احمد شمروخ ـ مصر 
مثلُ قارورة ٍفارغةٍ تتقاذفُها الأمواجُ، وحيدًا على أرصفةِ المساء، أبحث عن وجهي الذي تاهَ مني؛ أتذكره،  كان يجلس في مقهى الصمت، منذ أعوام. 
من أين أبدأُ البحث؟ من تلك الشجرةِ العتيقةِ التي تسكنُ أطرافَ قريتي، أم من  المجرى المائي الذي يشق الزراعاتِ التي أصابها الوهن؟...
أبدأ رحلة البحث من منزلي  القديم؛ لم أجدْ البيت الذي أعرف مكانَهُ، في شارع طفولتي، أنتحِي جانبًا، أتخيلُ تركيبة البيوتِ القديمة، أقيسُ المسافاتِ بخطواتي، هنا بيت الحبيبة، بجواره ِبيتُ مَن هاجروا، تلك المساحة التى تشبهُ الدائرة  تتوسطُ البيوتِ، منتدى أحزانِنا و أفراحِنا، الترابُ يرتفعُ على عتباتِ البيوتِ، بعد رحيل ِ  صبايا الشارع، غيرُ بعيد تسكنُ الشجرةُ العجوزُ، أنا أعرفُ جيدًا مكانها، بمجرد أن أنظر ناحية الاتجاه الشرقي: صفّ أشجار السرسوع ِتتوسطهم شجرتُنا، رغم وقوفي في ذات ِ المكان؛ ليس هناك إلا بعض بيوتِ متناثرة كأشجار ٍ  صحراوية ٍسكنتها الوحدةُ.
أتعبني البحثٌ؛ أجلس على أعشاب النجيل الندية، أغمضٌ عينيَّ.  
ابن عمى الأسمر يصنعٌ طبقاتَ الترابِ و الماء، يكتملٌ البناءَ، بإصبَع السبابة أنغزه؛ يندفع الماء، يقعُ ما تم بناءَهُ.
يُسافرُ منذُ سنواتٍ و تنقطعُ أخبارَهُ، ذلك المتمرد الذي تعلمتُ منهُ كيف أصطاد الأسماكَ، في بُقع ِالمياه المتجمعة أثناء الشتاء.
 بنفسِ ِالخيبة ِأبحثُ عن المجرى المائي، الذي كنت أعومُ فيه و أشاغبُ أترابي...  أينَ مكانه؟
أنا أقفُ في ذات المكان، الذي يخلو الآن إلا من بعض ِفتيان، يشاهدون مقاطع فيديو، على هواتفهم النقالة؛ أتجهُ إليهم؛ لم يعيروني أي انتباه.
أُلقي السلامَ؛ يمتعضُ الأولادُ من ذلك الغريب، ِالذي يتجولُ منذُ الصباح، ِفى جنوب قريتهم.
مثل قارورة ٍفارغة ملقاة أسفل كرسي، تتمايلُ مع حركة ِالقطار، أُسافرُ لا أعرفْ إلى أين!.