المشاركة رقم 44
عطر عتيق
بقلم/ خيرية علي العلي
يده تحضن يدي الغضة لتختفي
كلؤلؤة في صدفة و نحن في طريقنا للمخبز بملابس المدرسة و شعري المعقوص بشريط أحمر
كذيل حصان.
نسير بتؤدة على الطريق الرملي مزهوة و أنا أردد:
-
إنا أعطيناك الكوفر...
-
حبيبتي الكوثر... بالثاء و ليس الفاء.
أرد عليه مستفزة:
-
الكوفر... الكوفر
في الصباحات الماطرة نأخذ المظلة، تهوي حبات المطر على سطحها و يسيل لاحقاً
على أطرافها.
-
بابا لماذا تبكي السماء؟
رائحة الخبز تملأ أنفي و نحن نقترب، باب قديم و طاولة لوضع الأقراص الحارة
ذات العطر المميز، ألسنة اللهب تقفز أحياناً تدفع فضولي أن أطل داخل التنور.
-
صباح الخير عم عباس.
-
صباح الخير حاج محمود... ثلاثة أقراص
كالعادة.
أتسلل بخفة لأقترب من التنور رافعة قدمي و رقبتي، يرقبني عم عباس.
-
عفريتة!
بعد عودتي للوطن حاملة شهادة و جنين بشهره الخامس وطأت ذلك الدرب الذي غطى
الأسفلت خطواتي، فاء الكوثر و صوت أبي، دنوت من المخبز، كل شيء كما كان إلا عم
عباس، قد اختفى؛ فلم تعد هناك نفس الرائحة.
-
كم قرصاً؟
-
ثلاثة، و أردفت، أين العم عباس؟
-
توفي منذ ثلاث سنوات.