مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

العالم الفسيح بقلم: حسام أبو سعدة (مصر)

العالم الفسيح
بقلم: حسام أبو سعدة (مصر)
       رغم أنه تزوج بعد قصة حب طويلة و عميقة، إلا أن شهر العسل لم يستمر أكثر من عشرة أيام فقط. تحولت إلى مخلوق شرس عنيف، تلومه، تعاتبه، تسبه بأقزع السباب، تتهمه بالجبن و الندالة و الحقارة، بالرغم من أنها تعلم أنه يعتز كثيراً برجولته و بطولته. كثيراً ما كان يردد لها في فخر: لا يستطيع التعامل مع البحر إلا الرجال فقط. و هو من القليلين الذين يخرجون للصيد من على بعد ثلاثة أميال من الشاطئ.
       لكي يهرب من كلماتها اللاذعة اندفع، بكل قوة، إلى الخمر. يشرب كثيراً دون أن يأكل شيئاً حتى تتحول الأرض تحت أقدامه إلى ملمس الحرير و يدور الكون حوله، فيسقط مغشياً عليه.
       حاول بعض الأهل و الأصدقاء إجباره على الطعام، لكنه ما أن يأكل شيئاً حتى يتقيأ كل ما بجوفه. في النهاية وصل إلى المستشفى و أمر الطبيب بتعليق المحاليل حتى يظل على قيد الحياة.
       في المستشفى، أصبح كل ما حوله أبيض، لكنه ليس الأبيض في ضياء الشمس، بل الأبيض الباهت الأقرب إلى الموت منه إلى الحياة.
       اليوم، بعد مضي خمسين يوماً على زواجه، شعر بباب غرفة العناية المُركزة يُفتح؛ رأى زوجته و محبوبته. ما زال يحبها بكل جوارحه رغماً عنه.  من خلال صفاء عينيها، الذي عاد الآن، أدرك أنها مازالت تحبه رغماً عنها. قالت في لوم خفيف:
       ـ ألم أقل لك أنني أخشى البحر؟
       أجاب بصوت خافت:
       ـ نعم.
       ـ و بالرغم من ذلك أصررت أن أخرج معك إلى البحر.
       أدار رأسه إلى الناحية الأخرى، رآها و هى تسقط من المركب بعد أن أصابها دوار البحر. هول المفاجأة أصابه بالشلل. التيار يسحبها بسرعة مخيفة إلى العالم الفسيح.
       شعر بيدها الحانية على وجنته لتدير رأسه ناحيتها، قالت في ثقة:
       ـ لا تقلق، ألم تقل لي، من قبل، أن الحب الحقيقى يصمد حتى في مواجهة الموت.

       انحنت تقبله في حنان بالغ، شعر بجسده يتحول إلى جثة هامدة و روحه تسبح في العالم الفسيح.