المشاركة رقم 6
وجوه
بقلم/ نهله أبوالعز ـ مصر
تورمت قدماي، الطريق مملوءة بالحصی و الرمال؛ نظرت لحذائي الملوث بالتراب وجدته بقايا حذاء، باهت اللون، و لسان حاله يقول: ارحميني!.
و أنا... من يرحمني؟!.
وصلت إلى المبنی الضخم، الذي أعمل فيه منذ وفاة أبي؛ فالمدير رأفةً بحالنا؛ جعلني أعمل مكانه في البوفيهـ اُقدم الطلبات للموظفين.
ألمح في عين المُدير نظرة أعرفها جيدا؛ هي ليست إعجابا، و لكنها شَهية مفتوحة علی طعام الفقراء.
كلما اقتربت منه لأصب فنجان القهوة؛ نظر إلی صدري بشغف أحمق، فلمَّ لا أستغل شهيته لطبق الفول؟!.
قررت أن أرحم حذائي الممزق؛ مُنحته نظَرة أعمق عَمدا.
لم يعد باستطاعته تمثيل دور الخُلوق؛ اقترب، تمنعت، لمسني؛ لم أتصنع الشرف، أي شرف هذا و أنا جائعة؟!.
كلما زاد قُربه؛ زادت عطاياه، يقولون أنه سوف يَمل، و أقول لهم ساخرة: مائدة الفقراء عامرة بأصناف لا يعرفها أمثالكم.
مرت سنة كاملة، أصبحتُ فيها مديرة للعلاقات العامة، و أصبح هو مثل الخَاتم في أصبعي، و لكنني مللتُ رائحته؛ فبدأت طريقاً آخر، أحاول في هذه المرة أن أبحث عن الأمان، لذلك قررت الزواج من الداعية المعروف، بعد أن وجدت في وجهه نظرات تلهث خَلفي، هو يتزوج كل عام امرأة جديدة، و أنا يكفيني عام آخر و حزمة نقود، و بعض الشُهرة، و الحق أنني أحتاج أيضا لغسل سُمعتي... اليوم زفافنا، أبدو كفتاة طاهرة، و هو يبدو كرجل نزيه، و كل الحُاضرين هُنا يعلمون جيداً من نكون!.