قلم يذرف دمعا
بقلم: عبد
الخالق اليعكوبي ()
شهرها الثامن في
البطن؛ تطرق باب أمها عن طريق الحبل السري متحدثة:
ـ أمي وردتنــي
ذبذبات صـوتيـة تارة تناجي السماء، و تارة تتحدثين مع أبي حول اختيار الاسم الأنسب
الذي سيكون شعاري ما أن يبزغ فجري في الدنيا. لكن الصمت المطبق يخيم على أبي، و
كأنه في بئر قعرها عميق.
ـ بنيتي أبوكِ
لزم الصمت بدعوى أنه اختار لك أجمـــل و أحسن بلسم الأسماء، و لا أحد يمكن أن
يزيحه عن عــرش قراره لك.
ـ إذن ما هـو
الاسم؟
ـ أمل.
ـ و ما معنى
الأمل أماه؟
ـ أعتذر بنيتي
بزغ الــفجر و حان وقـت الصـيام أكلاً وقولاً... لكني سأرسل لك قلماً أخضر على
وَشك النفاد، قَد يتسربل الجَواب الشافي عن اسمك. و في المقابل أدون بقلم أحمر
حبره لا ينفـد، و عندما يوشــك أذان المغرب اقرئي ما كتبته لك.
ـ حسنا أمي صيام
مقبول، سأعمد اختصار اسم أمل، لن أنتظر إلى حلول غروب الشمس لأنتصر عليكِ في
معناه.
ـ "اسمي
أمل" و أمل هي سعادة في منتهى الجمال، ركنها و قاعدتها و اساسها أم و أب و
حرية و كرامة إنسانية...". حان دورك أماه، أين أنت و ما هذا العالم الغريب و
ما يسمى هذا القفر المظلم؟ و ما هذه الرئة الملطخة بالدماء؟. أهي رسالة الأمل؟.
ـ بنيتي اكتمل
شهرك التاسع و وضعتك بعد مخاض دام لفترة طويلة و ها أنذا أخرجُ لأبحث عن حليب غير
موجود، و الرجوع قد يكون مستبعد. و مكان تواجدك هو كهف حينما تكالب الظلم، و القصف
علينا من طرف حاكم متغطرس؛ أخدت على عاتقي، أن أمكث هنا حتى يكتمل الحمل، و لم أبح
لك عن اسمك و أصله، لخوفي أن أعجل بموتك في بطني.
فاسمك شيء و
الواقع شيء آخر، و الحديث مع أبوك كان مناجاة لصورته، و الاسم الذي اختاره لك دونه
بجانب صورته، و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بسبب طاغية عمر البلاد بسفك دماء الأبرياء،
و تشريد الأطـــفال شأن إخوتك الذين انقطعت أخبارهم، أهم في الدنيا أم دمهم معار.
و شرد ذهني في
تغير اسمك، لكن لم أستطع أن أخالف رغبة و أمر أبــوك؛ ربما لغاية في نفس يعقوب
يقصدها...
إذن أماه لا
تغير قد تفارقنا الدنيا، لكن بإذن الله موعدنا الجنان حيث الظالم يهان.
اختار لي أمل و
أنا أمل سوريا... و إن طال الليل بسواده و عتمته و تســوله و تشرده بمعناه الفضفاض
سيضيء فجر جديد، و إن ماتت أمل ستولد حياة، وأمل و إرادة...".