مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

المسابقة رقم 36 (مارس2016): كرة زمان

المسابقة رقم 36
كرة زمان
الكاتب/ أيمن رجب طاهر ـ مصر
من النافذة المفتوحة, يطل على رفاقه الجالسين أمام عتبة البيت, يبتسم لقعدتهم التي لم تتغير منذ  ليالٍ بعيدة, يلمحه أحدهم فيشير إليه أن ينزل, يستدير, يتناهى لمسامعه صوت الزهر المنطلق على خشب الطاولة القديمة, يرتدي القميص الخفيف, يسحب المنديل, بطرفه يمسح حبات العرق المزلقة على رقبته, يمد يده وراء الباب فيقبض على عقصة عكازه, يتحسس  موضع ساعته, يتذكر أنه دسها آخر مرة في جيب البذلة, يباعد بين ضلفتي الدولاب, يتمنى ألا يوقظ أزيزه زوجته النائمة, يتناول الساعة, يزر عينيه فيرى اقتراب منتصف الليل...
 يهم بإغلاق الدولاب فتتدحرج من بين طيات ملابسه, يبتسم لها فتستقر جوار الباب الموارب, نظراته الحانية تحوطها, يُطيل تأملها, ينحني, تقبض أصابعه عليها, عكازه يقوده خارج البيت, يتجه إلى رفقاء سهرته, يلقي تحيته فيردون باقتضاب, عيناه تتابعان الزهر المتدحرج على الطاولة التي بهت لونها, سئم انتظار نهاية الدور, قطب حاجبيه, مد يده و أغلق دفة الطاولة؛ تراجعت ظهور أصحابه في تعجب, رفع أمامهم الكرة فتعالت ضحكاتهم مختلطة بأصواتهم المستنكرة, يظل ساكتا حتى يهدأ لغطهم, سحابة من صمت تظللهم, يتبادلون النظرات إلى أن اتجهت عيونهم نحو الكرة التي يزمها إلى صدره في اعتزاز...
على حافة المنضدة يركن عكازه, يستدير, يبتعد قيد خطوات, يضع حجرين على مسافة متباعدة ويقف...
دارت عيونهم في جنبات الحارة المستورة بأسمال الليل, تلاقت نظراتهم, أولهم أطفأ السيجارة, الآخر ألقى خرطوم الشيشة, ثالثهم نحّي الطاولة بعيدا, الأخير ابتسم للمعان عيونهم فنهض في همة ..
 يخطون نحوه, يقترب أحدهم من الآخر فينقسمون اثنين مقابل اثنين, يلقي بالكرة فتتدحرج بينهم, يركلها أول من وصلت إليه, بخطوات اجتهدوا أن يجعلوها سريعة يحاولون اللحاق بالكرة, تعتورها سيقانهم الهرمة, يترامحون و الكرة بين أقدامهم إلى أن قذفها أحدهم نحو المرمى فارتمى حارسها ليصدها فوقع على الأرض مغبرا البقعة من حوله...
 تجلجل ضحكاتهم جنبات الحارة على ارتمائه السريع, نهض مبتلعا ريقه و الدماء تركض داخل عروقه, يحدّق في ساعته يندهش لتوقف عقاربها, أصواتهم المشجعة تعلو, ثانية يلقى الكرة, يتبارى أربعتهم في ملاحقتها تؤنسهم أصواتُ أنفاسهم اللاهثة و نسمات الهواء الرخية تهدئ من حرارة أجسامهم المتعاركة, يتبادلون الابتسام و كل منهم يتمنى ألا ينقضى هذا الهزيع من الليل.