المشاركة رقم 61
اختفى و نور القمر
بقلم/ رأفت عزمى على ـ مصر
في تلك الليلة المنتظرة. تتلألأ أسارير وجهه مع قسمات وجه مليكته المضيئة، تغمره السعادة، يتراقص قلبه طربا مع ثوبها الأبيض المزين بحبات اللؤلؤ مع فرحتها الغامرة، تتمازج الأضواء كأنه قوس قزح، تتعلق العيون حولهما، تكتظ الصالة الصيفية بالأهل، و الأحباب، و الصحاب. تباركهما عناية السماء، ينصهر الأبوان و الأمان فى بوتقة الرضا، يلقون البسمات، و التحايا، ويستقبلون التهاني من الموائد المرصوصة. تبدو فرحة والديهما كالشمس الساطعة...
تهمس ألسنة شيطانية في أذنيه، تتسلل أيديهم في خفية إلى جيب بزته السوداء.
يرنو إليهم بنظرته الزائغة و ابتسامته المسافرة. يتجرع الوهم، تمر اللحظات شيئا فشيئا، تزداد خفقات قلبه اضطرابا. تتحرك عقارب ساعته مع نور القمرالخافت، تدق الأصابع الطبول و المزاهر، تملأ الزغاريد الأجواء، يلتف حوله الرفاق، تتشابك أيديهما، تتألق عيونهما، تتلاقى النظرات، و ترتسم على الشفاه قبلات الشوق، يرقصان على نغم اسمها المعزوف "على حسب وداد قلبى يابوى".
لحظات! يشعر بدوران كل من حوله، تتماوج الأضواء، و الألوان في عينيه. تتحرك نبضات قلبه و دقات ساعته البطيئة مع وضوح، و خفوت نور القمر الذى تحجبه ركام الغيوم.
يشعر به أبوه؛ يطمئن عليه. و لكن يبدو على وجهه القلق.
ينطلق الموكب. سرعان ما وجد نفسه في مملكته؛ ينظر إليها طويلا. يضمها إلى حضنه، تحس باضطراب قلبه، تتملكها الحيرة. يتركها، يشعر بوخز الإبر في رأسه. يمسح بيده على صدره، يتجه إلى الشرفة مترنحا. تصير الحقيقة أمام عينيه وهما، و فى سمعه وشوشات أصداف. تتوقف عقارب ساعته، تناعست عيون مصابيح الحجرة حينما توارى نوره و القمر خلف ركام السحاب.