مرحبا بكم في بلوج مسابقة واحة الأدب بالكويت في القصة القصيرة على مستوى العالم العربي برعاية رابطة الأدباء الكويتيين/ للوصول إلى صفحة المسابقة بالفيسبوك اضغط هنا

المشاركة رقم 33 (مارس 2016): صديقي

المشاركة رقم 33
صديقي
بقلم/ عبدالله لافي عبيد الرشيدي ـ السعودية
- و الآن مع المتسابق الأخير من برنامج (قصتي)؛ فليتفضل السيد حسام.
صفق الجميع للمتسابق الذي كان يعمل ضابطا في شرطة مدينة بيروت، قبل أن يتقاعد، و يجلس هنا على الكرسي، أمام لجنة التحكيم.
- تفضل يا سيد حسام، قل لنا قصتك.
رفع حسام راسه إلى أعلى، و هو يشاهد تلك الأنوار التي تتقلب من لون إلى آخر، ثم بدأ في رواية قصته:
- كنت في المرحلة الابتدائية بمدرسة المجد، أغلب الطلاب يقومون بضربي بسبب ضعفي؛ فلم أكن قويا مثل بقية الطلاب، إلا أن صديقي عاطف كان هو الوحيد الذي يدافع عني، و يهدد الطلاب بعدم الاقتراب مني, و عالج ضعفي في بعض المواد الدراسية، بأن ساعدني و علمني ـ حيث كان صديقي عاطف من المتفوقين ـ و بهذا استطعت تجاوز المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة، تخطيت الصعاب التي تعرضت لها بفضل من الله ثم بفضل معاونته و تشجيعه؛ حتى عندما كان يطردني أبي من البيت بسبب تدني مستواي الدراسي، كنت أنام في بيته، و عندما تحرمني أمي من المصروف؛ كان صديقي عاطف يقتسم مصروفه بيني و بينه...
استطعت اجتياز المرحة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية؛ فكنت أفضل في مستواي التعليمي من المراحل السابقة، استطعت أن أتقدم عدة خطوات إلى الأمام بتصميم و إرداة، حتى استطعنا معا انا و صديقي عاطف، تجاوز المرحلة الثانوية و التسجيل في الجامعة, و كنا في سكن واحد، لا نفترق عن بعضنا أبدأ، حتى تخرجنا، و عندئذ افترقنا.
صرخ أحد الجماهير:
- أكمل القصة، أنا متشوق لمعرفة نهايتها.
ابتسم حسام ابتسامة رضا، و أخذ نفسا طويلا، ثم أكمل:
- التحقت بالشرطة، أما صديقي فقد علمت أنه التحق بكلية المعلمين، التي كانت بعيدة عن مدينتنا، لتمر الأيام، لم أعد ذلك الفتى الضعيف، بل أصبحت ضابط شرطة... حاولت كثيرا التعرف على أخبار صديقي عاطف؛ إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل، و شغلني عن المزيد من تلك المحاولات، عملي الأمني المرهق، و المهمات الجسام المتعلقة به.
في لحظة من اللحظات التي سبقت قيامي بمهمة أمنية جديدة؛ قفز إلى ذهني طيف تلك الذكريات، كشريط سينمائي؛ قطع متعة الاستمرار في استعادته، صوت الجنود، الذين سيرافقوني في تلك المهمة، معلنين جاهزيتهم لاقتحام تلك الشقة المشبوهة، التي وصلتنا معلومات عن وجود تشكيل عصابي داخلها... نجحت مهمتنا في مداهمتهم: أربعة أشخاص كانوا يعدون أكياس المخدرات تمهيدا لترويجها...
عندئذ نكس حسام رأسه، و نطق بصعوبة بالغة، و تأثر شديد:
ـ كان من بينهم صديقي عاطف!.
 تلك المهمة الأصعب في حياتي الشرطية، وضعتني بين خيارين: أمانتي في أداء عملي، و وفائي لصديقي.
جحظت العيون، فغرت الأفواه، ساد القاعة صمت رهيب، شاركه الجميع بعقولهم و قلوبهم مشاعر تلك الحيرة، و ترقبوا اختياره الذي كان!.
بارتياح ضمير أكمل قصته قائلا:
ـ لقد نفذت الخيارين معا؛ سلمت صديقي للعدالة التزاما بما يفرضه علىَّ عملي، و في ذات الوقت لم أتخل عنه، بعد أن علمت سبب توجده الخطأ في هذه الشقة، فأوكلت له محاميا كبيرا، و ظللت متواصلا معه، و تابعت إجراءات خروجه من السجن بعد أن قضى شهرا... عندئذ أسكنته معي في أحد المباني التي كنت أمتلكها و قمت بتوظيفه في أحد المؤسسات، كما زوجته من أختي الوحيدة و بقي معي إلى أن تقاعدت من الشرطة، و الحمد لله مازلنا مع بعضنا البعض إلى يومنا هذا.
صفق الحاضرون بعد سماع هذه القصة، التي تأثروا بها، و تم منحه الجائزة الأولى، ليقدمها حسام إلى ولد صديقه عاطف الذي دخل المسرح وسط عاصفة من التصفيق الحاد.